My Account Sign Out
My Account
green and blue

اِنسَ نفسك لأجل الله!

بقلم كريستوف فريدريش بلومهارت Christoph Friedrich Blumhardt

20 سبتمبر. 2022
1 تعليقات
1 تعليقات
1 تعليقات
    أرسل
  • حسام مبروكي

    جزاكم الله خيرا

وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ. لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ. فَكُلُّ الَّذِينَ يَسْلُكُونَ بِحَسَبِ هذَا الْقَانُونِ عَلَيْهِمْ سَلاَمٌ وَرَحْمَةٌ، وَعَلَى إِسْرَائِيلِ الله. (غلاطية6: 14- 16)

لله رب الخليقة وإله الأمم آخرون غيرنا، فنحن المسيحيين لسنا بالحقيقة أهم وأفضل ناس في العالم! فلسنا سوى مجموعة واحدة، لكن هناك مجاميع أخرى غيرنا أيضا، كما قال يسوع المسيح:

ولي خِرافٌ أخرى مِنْ غَيرِ هذِهِ الحَظيرةِ، فيَجِبُ علَيَّ أنْ أقودَها هيَ أيضًا. ستَسمَعُ صوتي، فتكونُ الرَّعِيَّةُ واحدةً والرّاعي واحدًا. (يوحنا 10: 16).

وحين يشتملنا الله معهم فإنما هو لطف بالغ منه. وينبغي أن لا نتذكر باستمرار هذا الموضوع فحسب بل أن نتحسّسه أيضا. فما نحتاجه هو التظافر في سبيل الله أكثر بكثير من التظافر في سبيل جماعتنا. لهذا لا يمكنني أن أتسامح مع هذه الرغبة المتواصلة في الخلاص الشخصي المحض. فأنا غاضب للغاية على كنيستنا لأن شغلها الشاغل صار توجيه الناس على كيفية الخلاص لا غير. فيجب أن نتوق أولا إلى أن يصحّح الله مواقفنا الروحية.

هناك مسيحيون يبدون دائما أنهم يريدون أن يكونوا الأوائل والأهم تماما مثل الابن العاق الذي يطلب سعادته ويريد أن يكون مسرورا. فيهزؤون بالملائكة، وهم أكثر المنتفخين في العالم، ولا يفكرون بمدى وساخة الجماعة التي سوف يشكلونها في السماء بوجودهم فيها. فيجب أن نفكر أكثر في هذا الأمر. فلو كنا أولاد الله فخلاصنا الشخصي سيكون بالأساس أمرا ثانويا. فالهدف الأساسي هو أن نعمل، أي أن نتفانى في سبيل خلاصنا،

فكما أطَعتُم كُلَّ حينٍ، أيُّها الأحِبّاءُ، أطيعوني الآنَ في غِيابي أكثَرَ مِمّا أطعتُموني في حُضوري، واعمَلوا لِخَلاصِكُم بِخَوفٍ ورِعدَةٍ، لأنَّ اللهَ يَعمَلُ فيكُم لِيجعَلَكُم راغِبينَ وقادِرينَ على إرضائِهِ. (فيلبي 2: 12- 13).

فينبغي أن تهدف كل أفكارنا ورغباتنا إلى رؤية الله يتمجد بين كل البشر وليس إلى تمجيد أنفسنا. فالأمر ليس مسألة تطلعنا للموت والذهاب إلى السماء. لا! فلو كنتُ من أولاد الله، فأول ما أحتاج تعلمه هو نسيان نفسي والسعي للحصول على خليقة إنسانية جديدة. وهذا الأمر يُساء فهمه تماما.

فلو كنا نطلب خلاصنا الشخصي أولا ومن ثم ملكوت الله، فلن يكون هناك أي نور على الأرض أبدا. فسيزداد البؤس ولن تتراجع الظلمة. وربما يكون هناك الكثيرون الذين يفرحون في السماء المباركة، لكن على الأرض سيستمر البؤس والاحتياج مع مرور كل عام. ولهذا أعطانا الله دافعا جديدا، وبدأ يحرك قلوبنا لنصرخ: «لا، لن نفكر أولا في خلاصنا، لن نسعى لخيرنا أولا! نريد أن نكون خداما، نريد أن نطلب خلاص الله ومجد الله وملكوت الله!»

لا نريد بالدرجة الأولى تخليص نفوسنا، ومن ثم الاكتفاء بهذا. بل ينبغي فتح قلوبنا على جميع تنهدات وحسرات خلق الله، وعلى فواجع الناس وأنينهم الذي لا حد له، مِمَنْ لا يعينهم خلاصنا بالتأكيد، غير أن ما يعينهم هو صراخنا وتضرعنا لله: «لـِيـَأتِ مـَلـَكـوتـَكَ!» فلن يحصلوا على العون إلا عندما نشهدُ نحن تدخّل الله في حياتنا عن طريق استعدادنا لخوض المعارك الحامية وصراعاتنا الروحية بشأن التخلي عن رفاهيتنا وسعادتنا وحتى عن خلاصنا الشخصي.

فهذا ما قد دُعيت إليه الكنيسة، ولهذا دعوني أصرخ وأنادي: انسَوا ما هو لكم، وأنكِروا أنفسكم، وأمشوا مع يسوع نحو الصليب لأجل مجد الله، واُترُكوا أمر خلاصكم لخالق الكون، كما يوصينا الرب يسوع المسيح:

وقالَ لِلجُموعِ كُلِّهِم: «مَنْ أرادَ أنْ يَتبَعَني، فلْيُنكِرْ نَفسَهُ ويَحمِلْ صَليبَهُ كُلَّ يومٍ ويَتبَعْني. مَنْ أرادَ أنْ يُخَلِّصَ حَياتَهُ يَخسَرُها، ومَنْ خَسِرَ حياتَهُ في سَبـيلي يُخَلِّصُها. فماذا يَنفَعُ الإنسانَ لو رَبِـحَ العالَمَ كُلَّهُ وخَسِرَ نَفسَهُ أو أهلَكَها. مَن اَستَحى بـي وبِكلامي، يَستَحي بِهِ اَبنُ الإنسانِ متى جاءَ في مَجدِهِ ومَجدِ الآبِ والملائِكَةِ الأطهارِ. الحَقَّ أقولُ لكُم: في الحاضِرينَ هُنا مَنْ لا يَذوقونَ الموتَ حتّى يُشاهِدوا مَلكوتَ اللهِ». (لوقا 9: 23- 27).

فلا تفكروا في نفوسكم، تذكروا الأسى الذي يملأ فؤاد أبيكم السماوي، الذي يتوق لسلامه أن يخيّم على كل مخلوق. لكن من تراه مستعد للتعاون معه؟ من سيضحي بنفسه ويحمل الصليب؟ من سيتخلى عن مساعيه الشخصية مهما كانت جيدة، ليخدم الآب السماوي؟ من منا، لاسيما نحن المسيحيين، سيتخلى عن سعادة هذا العالم؟ من سيسمح لقضاء الله أن يأتيه، ومن سيطلب من يد الله أن تـُنـفـِّذ العدل على الأرض؟

هذا المقال مقتطف من كتاب «التفاني في خدمة الملكوت الآتي!»

a forest path at dawn
مساهمة من ChristophFriedrichBlumhardt2 كريستوف فريدريش بلومهارت

كان كريستوف فريدريش بلومهارت (1842- 1919م) رجلا أصيلا. ولا يوجد أحد يماثله. فلم يكن رجلا سهلا يمكن مشابهته سواء كان ذلك من الناحية اللاهوتية أو السياسية أو أي ناحية أخرى. ولم يحس بالانتماء إلى مكان ما - لا في الكنائس ولا في الأوساط العلمانية.

اِقرأ المزيد
1 تعليقات